أنا حرة
وقت ما في عام ٢٠٢٠، مكان ما في القاهرة.
“هل حقاً ترتضى أن تكون من رواد الميكروباص”
قالها صاحب العمل الملياردير العربي الشهير، في اجتماع الشركة المفاجئ كنوع من التحفيز لفريق العمل الذين لم يره من قبل إلا خلال لقاءات تلفزيونية فقط وذلك أثناء فترة كورونا، يصف رجل الأعمال انه في خلال زيارته الاخيره لمصر لمح ميكروباص به ١٨ شخصاً جميعاً لا يرتدي أي منهم الكمامة ويتعجب قائلاً "الحمدلله هذي البلد حاميها ربنا"، كان من الممكن أن تكون هذه مزحة تكررت كثيراً من الواقع المصري في التعامل مع أزمة كورونا.
المضحك المبكي انن استخدم ملاحظته في محاولة لتشجيع الفريق قائلاً "انتم تعملون كرواد للصناعة الأولى في العالم حالياً، موهوبون ومميزون عن باقي شركات الوطن العربي، هل حقاً تريد ان يكون مصيرك بان تكون احد راكبي الميكروباص؟"
لم أكن قادرة على استيعاب حقاً ها هذا جهل أم استعلاء في أن تكون هذه بداية حديثه في بلد يركب فيها اكثر من نصف موظفيه الميكروباص.
ماذا يفيد الغضب من الرأسماليين؟ اوقات أشعر باني حقاً في غاية السذاجة حين الوم عليهم في سرقة العالم في جيوبهم والاستحواذ على كل الموارد الحقيقية لنا، أغضب من هذا العالم الذي يعطي السلطة لعدد صغير جداً من الأشخاص واستشيط غيظاً مع كل تغطية صحفية له ولغيره تظهر العالم مكان اكثر امانا بهم وعبقريتهم الفذة.
—
يوماً ما في ٢٠٢٢
امس كنت أشاهد فيلم "أنا حرة" حيث تجسد لبنى عبدالعزيز شخصية "أمينة" فتاة تبحث وتمارس الحرية بشكل مختلف في فترة الستينات في مصر، تحارب لتجد صوتها مع عمتها وزوجها، تضغط عليهم بأرائها المختلفة، ترفض الزواج وتصر أنها ستكمل دراستها، حتى التحقت بالفعل بالجامعة الأمريكية كأول فتاة في مصر، تخرجت وعملت في مكان مهم وهناك وجدت نفسها في مكان عملها تخضع لقواعد وأمامها لافته مكتوب عليها “وقتك ملك الشركة”.
هنا أدركت أنني أشارك أمينة صدمتها في الواقع، فالحرية ليست سهلة إطلاقاً، فحسب تعبير إحدى صديقاتي أن الرجل الحر هو ما يفعل ما يريد في اي وقت دون النظر للمجتمع وضغطه عليه، وحسب رأي أمينة في أنا حرة، ان تفعل ما تريد وقت ما تريد، ترتدي ما تريد، تعبر عن افكارها كما تريد بعض النظر عن مكان معيشتها او المجتمع المحيط بها، وحسب رأي الشخصي، لو نظرت للحرية من منظور العمل، فانا افضل دوام عمل مرن وراتب يحترم عقلي ومجهودي، ومن منظور الحياة الشخصية او الزواج، فأحب أن احتفظ بنفسي وهويتي حين يكون لي شريك، ولا انخرط تماماً به فأنسى تماماً ما أريد لنفسي، وفي منظوري كإبنة، فالحرية هي مساحتي الشخصية وقراراتي وأخطائي التي اتحمل كل نتيجة قرار يومي مع الأخذ في الاعتبار مسؤلية قراءة الوضع العام ومراعاة اختلاف الثقافات دون خسارة هويتي أيضاً.
أشارك أمينة همها في محاولات يوميه لايجاد حريتها مع مواصلة شغفها بعملها وحياتها الشخصية في واقع تقسيم الساعات والمسؤليات، أشترك معاها ومع الكثير من البشر في محاولات يومية لايجاد معاني للحرية.
—-
كتبت هذا النص في وقت بحياتي كنت أمر بوقت صعب في محاولات ايجاد نفسي، وجب علي المشاركة انني حقاً في حال افضل اليوم، اعمل في مكان مرن وزملاء في غاية الطف والاحترام.