ما بلاش نتكلم في الماضي
ده الماضي ده كان كله جراح
في الرابعة من عمري، سجلت شريطاً أخجل من مشاركته مع شخص - غير من سمعه بالفعل من عائلتي - أغني فيه لعمرو دياب أغنيته "الماضي" واندمج بشدة في مقطع:
و إن كنت ف حبك انا راضي
هندور ليه على شىء راح
شاركني نفس الشريط أبي - رحمة الله عليه - لتحفيزي أن أغني بالصوت الجميل، وحينها أرقق صوتي ولا أغني بسرعة كالمعتاد.
صراحةً، لم آخذ بنصيحة عمرو دياب طيلة حياتي في عدم التفكير في "أي شىء راح"، أكاد أجزم أني أضعت أهم اوقات حياتي اتذكر من ضاعوا وكيف ضاعوا، حتى وصلت لبعد الثلاثين يمكن بعامين وأدركت أنه لا مجال لعودة الماضي، ويستحسن ألا يعود الماضي، وأصبحت مثل الست فيفي عبدة "قومي يا بت، شوفي نفسك…"
اليوم أتم الخامسة والثلاثين من عمري
يعني نقدر نقول ٣١ عاماً منذ أصدرت ألبومي الغنائي الأول والوحيد، "الماضي" وأنا في الرابعة من عمري، والذي سمعه أبي فقط وبعض أفراد عائلتي.
أظن أنني أخطأت الدرب حين لم أحقق حلمي لأكون كالفنانة شريهان، أكاد أجزم أنها كانت ستفيديني بالقدرات اللازمة لمواصلة الحياة بخفة ودلع أكثر من اهتمامي بالبيزنس والحياة العملية، فشريهان بالنسبة لي ايقونة، كنت أنام وأنا أحلم بقدرتها على تحريك قدمها في حذائها الهاي هيل في فوازير رمضان.
لم أفكر في شراء هاي هيل معظم حياتي لأن طولي ١٧٥سم وكنت أشعر أن هذا النوع من الأحذية للفتيات وليست لي، لا اعلم لماذا تصورت طيلة عمري ان كل شىء للفتيات ليس لي، فالفتيات يلبسن الهيل وألبس أنا الهوا. كنت أتخيل انني بذلك أؤكد ما أريده وهو ألا يراني العالم مجرد "فتاة" فأن أكثر بكثير من ذلك، كم كنت حمقاء. أو "كنت مغفل" كما قالها المرحوم عبدالمنعم مدبولي، عموماً هذا موضوع أخر ولكن اليوم موضوعي فقط هو حذاء شريهان.
الحمدلله في الثلاثينات، تمردت على نفسي ورغماً عن أنفي وأنف الناس اشتريت هيلز وارتديته في مناسبات عادية ولم أبالِ ابداً بأي شخص آخر يشعر أنه أقصر مني، فقد ضحيت كثيراً بأن أكون مثل شريهان حتى لا اسمع تعليقات سخيفة أو كي لا ينظر الناس للأعلى حين يتحدثون معي.
كانت لحظة يوفوريا بالنسبة لي وأنا أتمشى بحذائي الهاي هيل حين سمعت طفلة في الشارع تقول لأبيها بلهجة فلاحي أحفظها جيداً "جيبلي جزمة زي دي"، ليرد بسرعة ""هجبهولك حاضر"، في تلك اللحظة كم تمنيت أشتري لها حذاءً، ولأن ما سمعته كان قوي نفسياً على لانني شخصياً مررت بأوقات كنت أقضي بها أعوام بحذاء واحد التزاماً بميزانية أمي حبيبتي، إلا أنني تذكرت انني يوماً ما أيضاً أردت حذاء كشريهان، حذاء هاي هيل، أشعر وأنا ألبسه أنني لبست روح شريهان وقادرة على أداء جميع حركاتها، اليوم أشعر أنني قريبة من شريهان في الخامسة والثلاثين وانني قريبة من نفسي كفتاة وأنني أريد العالم أن يراني "مجرد فتاة" فهذا هو الأجمل على الإطلاق، فتاة تلبس حذاء أنيق كأحذية شريهان.