على طاولة العشاء في أحد المطاعم، تجاذبت مع صديقتي أطراف الحديث عما يجذبني عموماً في البشر، وهو التعاطف وإظهار الحنان وقت ضعف الطرف الآخر، تلك اللحظة التي تدرك فيها بأنك تملك الحل للمشكلة، ولربما يساعد هذا الحل في إنهاء وصلة الشكوى والنحيب ولكنك تفضل الصمت حتى تعطي صديقك وقته في التعبير عن نفسه مهما كبرت أو صغرت مشاكله.
يشدني معنيان مهمان جداً في هذا العالم، أحب أن أسميها معاً الرفق والرفقة، كيف نجد رفيقاً لرحلتنا يتمتع برفق وكيف نصبح الرفيق الصادق!
كالعادة، ارسلت رسائل واتساب عشوائية لمجموعة من أصدقائي أسألهم "ما هو الرفق بالنسبة لكم؟ وما هي الرفقة؟
فردت الصديقة رقم ١ سأسميها هنا في المقالة "نورا"
"الرفق هو أنا ونفسي
قبل ذلك كان الرفق بالنسبة لي هو دعمي للآخرين والتهوين عنهم بالرغم من أنني لم أكن دائماً رحيمة بنفسي
أصبحت أمارس مع نفسي نفس القدر من الرحمة والرفق الذي أقدمه للآخرين
تعلمت أن أكون رفيقة بنفسي وأن أتوقف عن لومها وتقويمها
أصبحت أستخدم مصطلحات مثل (معلش، اللي حصل حصل، المرة اللي جاية أكيد هتكون أحسن)"
صديقة رقم ٢ سأسميها "عاليا" شاركتني
"الرفق بالنسبة لي هو فكرة التعاطف
بمعنى أن يضع الشخص نفسه مكاني ويحاول أن يتفهم ما أشعر به والعكس صحيح من ناحيتي
الرفق بالنسبة لي هو محاولة التهوين على الشخص وأن أضع ظروفه وإمكانياته قبل القانون"
—
بالنسبة لي شخصياً، أجد أن الرفقة الجميلة تتطلب رفقاً في المعاملة وأحب أنهما يأتيان "باكدج" واحدة، فما الذي يلزمني في صديق يقول كل الأشياء الصحيحة ولكنه لا يمتلك الكلام الصحيح في الوقت المناسب ولا الذكاء العاطفي ولا يختار أن يكون طيباً عوضاً عن أن يكون على حق؟
قد يكون الرفق هو المعاملات اليومية، الالتزام بالمواعيد، ألا أحرج شخصاً ما، ألا أقاطع شخصاً، ألا أقلل من أفكار أحد، أن أكون هينة ولينة ومع امتلاك الوعي لكل هذا.
في حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام يقول فيه:
"اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله، فإن أصبتَ أهله فهو أهله وإن لم تُصِب أهله فأنت أهله"
في ظل الرغبة بإظهار الرفق، تبدو مهمة حماية الحدود الشخصية مهمة شاقة، فقد نضطر للاختيار بين أنفسنا وبين الآخرين في بعض الأحيان. هذا لا يقلل من حبنا لهم، ولكنهم قد لا يدركون إلى أي حد يمكن لبعض تصرفاتهم أن تضعنا تحت الضغط وتشعرنا بانتهاك مساحاتنا الشخصية.
ذكرني ابن عمي بالحديث السابق كنوع من التذكير بأنها رحلة، ولربما إذا ما امتلكنا الوعي الكافي بها وحاولنا الوصول لحلول رفيقة ومسؤولة بالنسبة لأنفسنا وللآخرين، فإننا نؤجر عليها. لربما لا يعجب هذا الكلام معالجي النفسي، الذي نصحني دائماً أن أختار نفسي وقال إنني مسؤولة عن نفسي فقط. يضعني علم النفس الحديث، في بعض الأحيان، أمام سؤال صعب يتعلق بكيفية الرفق بالآخرين. بيد أن الثوابت الراسخة لدي تذكرني بأن أخلق التوازن المطلوب بين الرفق بنفسي وبهم في آنٍ واحد.
—
أضع وصفة حالياً لما احتاجه في حياتي فأجد بها التالي:
رفقة لطيفة
حنية
حنية
حنية
أوقات لطيفة
معان وأفكار عميقة وجميلة
أماكن جديدة
أكلات طيبة
بهارات لزوم الطعم
طبق جميل للتقديم
حب وضحك للتزويق
وبالهنا والشفا.
❤ دمتي رفيقة ودام رفقك