”هذه غناية ليهم“ أو ”هذه أغنية لهم“ هو عنوان أغنية للفنّان التونسي لطفي بوشناق، كتبها لكلّ إنسان يشقى ويتعب ويحلم، لكن الأغاني وبيوت القصائد نسيته… اليوم، أكتب هذا المقال لهم أيضًا.
”هم“ الذين يعيشون أيّام رمضان بعيدًا عن عائلاتهم، هم من فقدوا عزيزًا عليهم ويقضون الشهر في حضرة غيابه المثقلة بالذكريات، هم من يقبعون في السجون ظلمًا وبهتانًا ولا نعرف أسماءهم، هم من يشقون لتوفير القليل على مائدتهم ساعة الإفطار في زمن الكثرة وهدر الطعام، وهم من يرسمون على وجوههم بسمة، ويعلّقون الزينة من تحت الركام حتى يعيش أطفالهم فرحة قدوم رمضان… كلّ هؤلاء الذين لم تنصفهم الحياة، لكنّهم يحبّونها إذا استطاعوا إليها سبيلًا.
هذا مقال لهم، وقد ألهمني هذا البائع الإسكندراني في الفيديو أعلاه لأكتب لمحة عن حكايته. كنت أتجوّل في شوارع باريس لأصوّر تحضيرات رمضان في بعض الأحياء التي تعجّ بحوانيت العرب، فصادفني صديقنا في الفيديو. قال لي إنّه مصري تونسي، وإنّه يعمل في هذا المطعم التونسي منذ 15 عامًا، وقد أصبح زملاؤه عائلته الثانية، يخفّفون عنه وطأة الغربة عن بلده وأحبّته في هذا الشهر رغم صعوبتها… قد تختلف الظّروف و الحكايات، لكنّ الغربة عن الأهل واحدة.
اشتريت منه بسبوسة، وأهداني سلطة مشويّة إكسترا ههه… كبائع عربي أصيل يُكرِمُ حريفه في أوّل يوم من الشهر الفضيل. ونِعمَ الإكسترا! هذا الإسكندراني بات يعرف شعب الهريسة حقًّا!
كثيرون ”هم“ بالفعل… أكثر ممّا نتوقّع، أحيانا هم أيضا من يشعرون بالوحدة في رمضان.. لعلّنا نأخذ من هذا الشّهر عبرةً لنفكّر في الآخرين، في أولئك الذين لا يملكون مائدة عامرة، ولا أجواء عائلية دافئة. ربما تكون أبسط لفتة، مثل ابتسامة لبائع متجوّل أو مشاركة وجبة مع غريب، قادرة على صنع فرق في يوم شخص ما…
وفي الأثناء، سأنشر مقالًا لهم وأنا أدندن كلمات “غناية ليهم”:
”هذه غناية ليهم… من القلب أحيّيهم
النّاسي لي تعاني ….. و نساتهم الأغاني“
Share this post