في كلمة ألقتها في مؤتمر تيد، تحدثت لوسي وتشيلو عن تجربتها أثناء العمل على كتابها الأول وقالت:
The process of writing forces you to be curious, curiosity doesn't kill the cat, it makes the cat happier.”
إن عملية الكتابة تُجبرك على أن تكون فضولياً، وهذا الفضول لا يقتل كما هو متعارف عليه، بل قد يكون مفتاحك للسعادة.
خلال أصعب فترات حياتي، تعلَّمت أنه لا يوجد أي شخص أو أي شيء بوسعه مساعدتي سوى نفسي. وفي معظم هذه الأوقات، كنت في صراع داخلي مع نفسي، فقد كانت هي الأكثر قسوةً، تُعذبني بكثرة الأسئلة واللوم والعتب والتحقيق وجلد الذات، ولم أجد منها غير القليل من العون. كان عليّ أن أدللها وأعطيها الكثير من الحب الذي عادةً ما أقدمه للآخرين، وفي كل مرة أعطيها حباً، أجدها أكثر راحةً وتواصلاً معي.
آخر مرة سمعت فيها صوتاً داخلياً نقده أسوأ من نقد أمي عندما كنت أنسى إطفاء نور الحمام كان صوتي الداخلي وهو يقول لي: أظن بأن عليكِ أن تفحصي نظرك، بدلاً من الاستمرار في تقييمك السيئ للناس، فها أنتِ تعطيهم أكثر من حقهم ومن ثم نغرق بعدها في الكثير من الأسى".
لطالما استمعت لصوتي الداخلي، وسمحت له بتعذيبي، ويبدو أنني غذّيت الإحساس بالذنب وعدم التهاون مع أخطائي، بل واستسلمت للمثالية التي لطالما لاحقتني هي والأحلام المؤجلة التي لا تتوقف عن مضايقتي هي الأخرى، فأكاد أسمع صوتاً يقول لي طيلة الوقت:
كم أنتِ متأخرة، أسرعي ربما يفوتك الآن شيء ما.
خلال سنوات حياتي، لم أستطع أن أبطء من وتيرتي، ولم تساعدني سرعة الوتيرة هذه على تحقيق النتائج التي أرغب بها بنفس السرعة، حتى في الأيام التي أجبر فيها العالم على التمهل. كنت أتعلم أكثر وأخطّط لمشاريع جديدة وأبكي على الماضي وأتطلع للمستقبل. كنت أصارع شيئاً لا أعلم ماهيته، ثم اعترفت بعد مرور وقت طويل بأن مستوى حساسيتي مرتبط بمعدل القلق لدي، ويبدو أن علاج هذا القلق المزمن له حلول كثيرة أهمها الكتابة.
كلما كتبت شعرت بأن روحي أضحت أخف وعقلي أضحى مُشبعاً أكثر من ذي قبل بغض النظر عن مستوى الكتابة. يكفيني أنني تخلصت من أفكاري على الورق دون أن أثقل كاهل أي صديق معي في هذه الرحلة. مع كل محاولة كتابة، أشعر وكأنني ولدت طفلاً، على الرغم من أنني لم أختبر شعور الولادة الحقيقي، لأنني لم أصبح أماً بعد، ولكنني أظنه يُشبه هذا الشعور، حيث يعيش شيء ما بداخلك لفترة طويلة، وتشعر بخليط من المشاعر الإيجابية والسلبية والمُحيّرة تجاهه ولا تنتهي منها إلا مع ولادته وإخراجه للنور. ومن بعد هذه اللحظة، يبدأ هذا الشيء بالتفاعل مع العالم، حيث يراه الناس، فإما أن يترك أثراً أو يُنسى، ولكنه في الحالتين يظل واحداً من أبنائي.
وبما أن الكتابة تساعدني على التخلص من الأفكار الثقيلة، تُشعرني بالخفة وتجعلني ألمس واقعي وأتواصل معه، قررت إنشاء هذه المدونة مع صديقتي لينا، فنحن نتشارك الشغف ذاته، ولم أجد اسماً في رأسي سوى لينا عندما فكرت بهذه المدونة. أنا معجبة كثيراً بما تكتبه صديقتي، ونخوض العديد من النقاشات التي نشعر بعد الانتهاء منها بأنه لم يكُن ينقصنا سوى ميكروفون لننتج حلقة بودكاست رائعة.
لهذا السبب، أنا ممتنة لمشاركة هذه المساحة معها، حيث سنكتب سوياً عن العالم الذي نعيشه وسنتناول ذلك من جوانب مختلفة. سوف نتفق تارة ونختلف تارة أخرى، ونأمل أن نبدع وأن يستقبل الناس في الفضاء من حولنا كل هذه الطاقة بصدر رحب!